إعداد: أسامة
هل شعرت يوما بانجذاب نحو شخص ما – أو شيء ما – تعرف تماما انه غير مناسب لك ؟
وهل كنت على علاقة بشخص ما ، كنت ترى نفسك فيها بأنك شريك مثالي لتجد هذا الشريك وعلى نحو غير مفهوم يتركك ليبحث عن شخص آخر قد ترى بأنه أقل منك قيمة وشأنا..؟
هل رأيت أو سمعت عن أحد يتعامل مع أمر ما على نحو منطقي ويستوعب تماما أبعاده ونتائجه وعواقبه ويتخذ قرارا بشأنه ثم... يتخلى فجأة عن ذلك كله ليقلب كل المقاييس ويبدأ بالتصرف على نحو مغاير للعقل والمنطق ؟
لماذا يحدث ذلك ؟
لأن عقولنا هي عقول ثلاثية...
حسنا.. واصل القراءة لمزيد من التوضيح...
رجل ذكي للغاية.. يدعى "د. بول ماكلين" "Paul Maclean".. جاء بنموذج يفسر فيه التغير المفاجئ والّلا منطقي لأفعال الإنسان يسمى نموذج "العقل الثلاثي" "Triune Brain".. وهذه النظرية يمكن اعتبارها مقبولة عالميا.. ولكنها تعتبر نموذجا رائعا.. وطريقة عظيمة تنظر بها أو تعتقدها عن دماغك..
والنظرية التي يصف بها الدماغ البشري هي باختصار أن العقل البشري عبارة عن 3 أدمغة في دماغ واحد...
العقل البدائي "Reptilian Brain" :
والذي يبدأ العمل مع مراحل تكوين الإنسان الأولى وحتى سن البلوغ. فالطفل مثلا يتعامل مع الحياة من خلال وظائف جسده الفيزيائية كالأكل والشرب والبكاء والتملك والحذر... الخ
نماذج من سلوك العقل البدائي : الغضب ، الدفاع عن النفس والممتلكات ، حب البقاء ، القوة ، السيطرة ، الجنس ، التملك ، حب الظهور ، التميز ، المغالبة والقتال....
العقل العاطفي "Mammilian Brain" :
والذي يبدأ العمل مع بداية سن المراهقة والصبا حيث تبدأ المشاعر العاطفية بالتأثير على سلوك الفرد ومواقفه..
نماذج من سلوك العقل العاطفي : الرغبة في منح واستقبال الحب ، المودة والعطف والتسامح ، نيل الاستحسان والقبول من الآخرين ، عندما تقابل بالرفض وينتابك ذلك الشعور بالأسى والضياع فذلك هو العقل العاطفي يتحدث.
العقل المفكر "Neo Cortex" :
يبدأ النشاط من سن الـ 20 تقريبا بالنسبة للرجال (المرأة قبل ذلك بعامين أو ثلاث. حيث يعرف عن النساء أنهن أسرع نضجا من الرجال).. حيث تبدأ مرحلة التفكير العقلاني والمنطقي..
نماذج من سلوك العقل المفكر : الرصد والتحليل ، محاولة إيجاد التفسيرات والحلول للأشياء ، المناقشة والبحث عن حقيقة الأشياء... الخ
إذن .. هناك العقل الفيزيائي " Reptilian Brain" – العاطفي " Mammilian Brain" – والمنطقي (المفكر). " Neo Cortex".
الجسد – القلب – العقل.
الحركة – الشعور – التفكير.
الأقدم – الأحدث – الأكثر حداثة.
كل عقل يخدم مقاصد أو أهداف معينة .. وكل واحد يتدخل لأسباب مختلفة..
لكل عقل دوافعه ومحركاته الخاصة وقد تختلف هذه العقول الثلاث أو تتعارض فيما بينها
جيد جدا..
نحن نحب أن نعتقد بأن الجزء المنطقي المفكر من عقولنا هو من يتولى السيطرة على الأمور وبأننا أحرارا فقط لامتلاكنا لهذا الجزء المتطور من الدماغ.. ولكن الحقيقة هي أن الدماغ البدائي (الأقدم) هو من يستخدم العقول جميعها ويخضعها لأغراضه الخاصة..
والعقل البدائي بدوره يخدم غرضا خالدا منذ الأزل وهو : بقاء جيناتنا وضمان انتقالها إلى جيل آخر...
لاحظ مراحل تطور نمو الإنسان...
طفل / طفلة : مرحلة بهيمية حيث الحاجات الفيزيائية هي الأساس وذلك هو العقل البدائي الذي يبدأ مع بداية عمر الإنسان وستمر معه طيلة حياته.
شاب / شابة : مرحلة الحب والخيال الخصب والفروسية وأحلام الصبا.
رجل / امرأة : التفكير وحسن التدبير ومقارنة الأمور والنظر إلى المستقبل.
فكرة أن العقل المفكر لدينا (الأحدث) هو من يتولى القيادة وانه تحت سيطرتنا التامة.. وان عواطفنا هي من تخدم عقلنا المفكر.. وان عقلنا البدائي الفطري الغريزي خاضع لعقلنا المنطقي المفكر وفي خدمة عواطفنا.. لنحصل على ما نريد.. هي ما نحب أن نعتقدها. أليس كذلك ؟ أليس ذلك ما نرغب الاعتقاد به والاطمئنان إليه ؟ أننا نملك خياراتنا بأيدينا.. وأننا قادرون على السيطرة على مشاعرنا متى ما أردنا ذلك ؟
ولكن لو أمعنت النظر قليلا فيما يجري حقيقة على ارض الواقع ... لوجدت الحقيقة على خلاف ذلك... ففي أحلك الظروف .. وفي النقاط الحرجة من حياتنا ... ترى أن الأشياء – أو الحلول – تأتيك من حيث لم تفكر أو تشعر.. قد تكون تصورات وقد تكون مشاعر.. وقد تكون دوافع لعمل شيء ما ...إنها تخرج إلى السطح في الوقت المناسب من مكان ما في تكوينك ليس هو العقل المفكر.. ليس هو الشعور العاطفي.. ولكن من جزء آخر من كيانك..
وما سوف تجده لو لاحظت جيدا أن هذا الجزء منك لديه القابلية والقدرة على تطويع عقلك المفكر وإعادة تشكيل مفاهيمه لمصلحته الخاصة.. والتي هي مصلحتك العامة في نهاية الأمر...
والآن ... ماذا يعني ذلك وكيف نستفيد من هذه النظرية في جذب الآخرين و / أو التأثير عليهم ؟
إن ما يقوم بفعله معظم الرجال (وكذلك النساء) عند تعاملهم مع الجنس الأخر – على سبيل المثال - هو محاولة التأثير عليهم بإقناع الجزء المنطقي أو العاطفي من الدماغ.. والذي هو خاضع تماما للجزء البدائي وليس العكس... ولكل منهما قوانينه وأعرافه وقواعده.. ففي حين يرى الجزء المنطقي للدماغ أن هذا الفعل أو ذاك (شراء الهدايا ، إخبار الفتاة / الزوجة مبكرا بحبك لها ، وانك لا تستطيع الاستغناء عنها ، لا تستطيع العيش بدونها) هو فعل معتدل ومثالي ومهذب (هذا ما يقوله المنطق).. يرى الجزء البدائي غير ذلك.. فالسلوك اللطيف المهذب قد لا يخدم عامل البقاء والذي هو ضروري لحفظ كيان الإنسان وذاته حسبما يرى العقل البدائي الذي يتطلع إلى صفات القوة والصلابة والقيادة لتحقيق الطمأنينة والاستقرار.
لنأخذ مثالا على ذلك..
يخرج رجلا مع فتاة / سيدة في موعد غرامي أو كزوجين.. فما الذي يقترحه عقله المنطقي أو المفكر ؟
اسألها إلى أين تريد أن تذهب ؟ دعها تختار ما تريد ارتداؤه من ثياب... اسألها ماذا تريد أن تأكل ... وأين تريد أن تجلس...!! منطقيا ، مثل هذه الأسئلة توحي بحب الرجل للفتاة واهتمامه أو احترامه لرأيها.. ولكن عقل المرأة البدائي (أو العقل البدائي بشكل عام).. والذي هو أكثر سيطرة عليها من عقلها المفكر يتدخل هنا ليخبرها بأن هذا الرجل ضعيف.. غير قادر على اتخاذ قرارات من شأنها أن تؤدي إلى حفظك وبقائك .. انه غير مناسب لبقاء جيناتك.. وان كان المنطق يقول غير ذلك.. هل أنت معي ؟!
يستجيب معظمنا لعقولنا البدائية أكثر من المنطقية أو العاطفية.
عندما يترك رجل ما زوجته من أجل فتاة ليل... فذلك العقل البدائي.
وعندما تخون امرأة زوجها مع رجل أكثر رجولة في نظرها منه... فذلك العقل البدائي.
العقل البدائي يقود الإنسان باتجاه مغاير للمنطق والعقلانية.. وللمشاعر.
الدكتاتوريات والحكومات الاستبدادية تقود الشعوب بإرهاب الحيوانات بداخلها.. لأنها تعلم أن الغريزة البهيمية وحب البقاء في الإنسان أقوى من العقل والمنطق.
العاهرات يغوين الرجال لأنهن يستثرن الحيوان بداخلهم فينسون بذلك العقلانية والمنطق.
وكذلك الماهرون في فن الإغواء يخاطبون الحيوان بداخل المرأة لجذبها والتأثير عليها لفعل ما يريدونه بها.. ولن يستطيع عقل منطقي الوقوف أمام قوة تأثير العقل البدائي.. ما لم يكن هذا العقل مدربا.
خلاصة القول.. إذا أردت تحقيق النجاح في علاقاتك العاطفية (والإنسانية بشكل عام). التفت إلى هذه الحقيقة.. وهي أن الإنسان بتطوره وحضارته لا يخلو من محركات ودوافع بهيمية ينساق إليها وبها.. ويخضع لها مهما بلغ من المعرفة.. ما عليك سوى فهم هذه الحقيقة وكيفية التعامل معها.
إذا أردت المزيد عن هذه النظرية وكيفية استخدامها – سلميا – لصالحك. ما عليك سوى اقتناء نسختك من كتابنا الالكتروني "لعبة الحب".. حيث ستجد فيه حرفيا أمثلة حية لكيفية ممارسة التأثير على الآخرين بمخاطبة عقولهم البدائية.. خطوة بخطوة وعلى نطاق واسع.. بطريقة تضمن لك التفوق والنجاح في إدراك أهدافك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق